
وجهة نظر يكتبها : صالح ناصر الصالح
لم نتوقف عن الحديث عن أهمية سوق الصكوك والسندات ، ومرت سنوات وسنوات ولازلنا نتطرق لهذا الملف ( توفير سوق أدوات الدين) يتعبرخطوة مهمة لتحريك الأنشطة الاستثمارية للشركات والهيئات والمؤسسات بالقطاعين العام والأهلي
ولذا نشيد بدور هيئة أسواق المال في هذا الجانب لإجراء تعديلات على قرارات اصدار الصكوك وبالفعل هذه خطوة جيدة من قيادي واستشاري الهيئة لأن سوق الكويت متعطش جداً لهذه الأدوات المالية والتي تساهم في تنمية قطاعات كبيرة حال تم تفعيلها
ولكن يظل موضوع تفعيل السندات والصكوك كسوق واسع موقع طموح ورغبة كبيرة من المستثمرين والشركات لأننا بحاجة لسوق وليس تعديل فقط وفيما يخص القرار فقد أصدرت هيئة أسواق المال قبل اسبوعين القرار رقم 165 / 2024، والذي يقضي بتعديل بعض الأحكام المتعلقة بتنظيم وإصدار الصكوك، لتحسين بنية إصدار وإدارة الصكوك بما يتماشى مع الأهداف الإستراتيجية للهيئة، والتي تسعى إلى تطوير الصناعة المالية الإسلامية في الكويت، بما يتوافق مع المعايير الدولية ويضمن حماية مصالح جميع المتعاملين، حيث جاءت هذه التعديلات لضمان الامتثال الكامل لأحكام الشريعة الإسلامية، وتعزيز الشفافية والعدالة في عمليات إصدار وإدارة الصكوك، بما يسهم في تعزيز الثقة في السوق المالي، وتمكينه من مواكبة التطورات العالمية ، وهذا القرار جيد ومهم ونشيد بمن اصدروه إلا أننا نكرر أننا بحاجة لسوق واسع ومنظم أيضاً
ولاشك أن وجود شركات كبرى كانت تصدر سندات وصكوكا ولكن مع تعثرها في الأزمة المالية أصبحت لا تستطيع إن تسدد هذه الالتزامات وطلبت تأجيلها في إطار إعادة هيكلة التزاماتها لذا أصبح من الضروري إنشاء سوق لأدوات الدين العام لتعزيز مصادر التمويل وبما يتيح للشركات ذات الملاءة المالية قدرة أكبر على تمويل مشاريعها، وفي ذلك سيكون لدي الشركات التي تصدر السندات ملاءة مالية وسمعة جيدة، تشجع المستثمرون على شراء سنداتها، خاصة وأن المستثمر لن يقوم بشراء سندات لشركات متعثرة أو مشكوك في تحصيل سنداتها،
ومن المعروف أن قوة السند ليس في قوة عائده، ولكن في قوة الجهة أو الشركة التي تصدره نعم فكرة إنشاء سوق ثانوي للصكوك في الكويت سيزيد حجم رؤوس الأموال المستثمرة في السوق المحلي، كما يسهم في تنفيذ المشاريع التنموية طويلة المدى التي يتم تمويلها من خلال السندات، إضافة لإتاحة الحق لمالك هذا الدين في إمكانية التخارج منه في أي وقت، مما سيرفع الطلب على الاستثمار في هذه الأدوات أسوة بالاستثمار في الأسهم.
ومن الطبيعي هناك وفرة في السيولة بالكويت وتبحث عن فرص استثمارية آمنة وهذا السوق للسندات سيدعم العديد من الشركات التي تحتاج إلى تمويل، في ظل شح السيولة التي تعانيه بسبب التشدد الائتماني المتبع من قبل القطاع المصرفي ، ومن وجهة نظري إن تنظيم سوق السندات سيؤدي إلى فرض رقابة على إصدار السندات فلن تكون السندات المصدرة وسيلة لإنقاذ شركات متعثرة ليست لديها أصول أو ملاءة مالية ولكنها ستخدم الشركات المليئة ذات العوائد التشغيلية.
وعند إنشاء هذا السوق بقوة مطلوب جهات تقييم معتمدة دولياً لتقييم السندات والصكوك التي تصدرها الشركات الكويتية ، كي ينمو سوق السندات وينشط محليا حيث أن أدوات الدين (السندات والصكوك) تتميز بأنها لا تفقد قيمتها وهو ما يجعلها استثمارا آمنا في ظل تصاعد الأزمات المالية على مستوى العالم، حيث لا تتم معاملتها على انها حقوق الملكية مثل الأسهم.
وأخيرا ..إنشاء مثل هذا السوق سيكون عاملا إيجابيا بالنسبة للبنوك المحلية، وانعاش سوق السندات والصكوك سوف يحقق حافزاً أكبر لإصدار هذه الأدوات عن طريق البنوك كما يحدث في الأسواق العالمية مع البنوك الكبيرة والتي تتولى مهمة إصدارها، كما سيسهم في تمويل المشاريع الحكومية مما يعفي الدولة من تحمل تكلفة تلك المشاريع وتحميلها على السندات والصكوك، خاصة أن ضماناتها عالية وتكلفتها منخفضة.