اخبار عالمية

إسبانيا تتولى رئاسة الاتحاد الأوروبي وسط تحديات وأولويات كبيرة

 مدريد – سي ان — تتولى إسبانيا غدا السبت لمدة ستة أشهر الرئاسة الدورية للاتحاد الأوروبي للمرة الخامسة في تاريخها في ضوء تحديات عدة أبرزها الحفاظ على التماسك والوحدة الأوروبية مع أولوية جعل أوروبا “قوية ومستقلة وخضراء ورقمية”.

وتتسلم إسبانيا الرئاسة من السويد بعد 13 عاما من رئاستها الأخيرة على ان تتولاها المرة المقبلة في عام 2035.

وسيستهلها رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز غدا بزيارة العاصمة الأوكرانية (كييف) بعد 493 يوما من بدء الحرب فيها في رسالة واضحة حول دعم أوروبا الكامل والثابت لأوكرانيا.

 

وحدد سانشيز أربع أولويات كبرى للرئاسة الإسبانية لمجلس الاتحاد الأوروبي هي تعزيز وحدة التكتل الأوروبي والعودة للتصنيع والتحول البيئي والعدالة الاجتماعية.

وفي إطار الأولوية الأولى التي تعتبرها حكومة مدريد الأهم فإن إسبانيا ستسعى بعد مضي قرابة سنة ونصف السنة على بدء الحرب في أوكرانيا للحفاظ على وحدة التكتل والاستمرار في دعم أوكرانيا إلى جانب دفع المفاوضات لانضمام الأخيرة إلى الفضاء الأوروبي.

كذلك تراهن مدريد كما أكد وزير الخارجية الإسباني خوسيه مانويل ألباريس على تعزيز الفضاء الاستراتيجي الأوروبي على أساس القيم المشتركة مع شركائه لاسيما مع أمريكا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي بالإضافة إلى تعزيز الحوار مع الجيران جنوبا عبر مبادرة (الاتحاد من أجل المتوسط) التي تتخذ من إسبانيا مقرا لها.

وتتطلع مدريد إلى المضي قدما في الإصلاحات الرئيسة في الاتحاد الأوروبي على رأسها حسم ميثاق الهجرة واللجوء ودفع إصلاح الحوكمة الاقتصادية في الاتحاد الأوروبي واستكمال مشروع الاتحاد المصرفي.

أما على صعيد العودة للتصنيع فإن إسبانيا تتطلع إلى إنشاء المزيد من الشركات في أوروبا وتقليل الاعتماد المفرط على أطراف ثالثة في مجالات حيوية كالغذاء والصحة والطاقة والتقنيات الرقمية إلى جانب التوصل إلى اتفاق بشأن تنظيم الذكاء الاصطناعي.

وضمن الإطار نفسه سلط سانشيز الضوء على ضرورة تنويع العلاقات التجارية والبحث عن تحالفات جديدة مع دول في مناطق أخرى وتنشيط العلاقات وإبرام اتفاقيات تجارية في مواجهة تنامي الدور الصيني.

وتشكل القيادة الإسبانية للاتحاد فرصة لتكوين جسر يوحد أوروبا مع أمريكا اللاتينية التي تراجعت أهميتها في قائمة أولويات السياسة الخارجية الأوروبية في العقد الأخير بسبب التحديات على جانبي الأطلسي غير ان التطورات الجيوسياسية الأخيرة تدفع بالأوروبيين إلى العودة للاهتمام بتلك المنطقة.

وضمن ذلك الاطار ستعقد قمة رفيعة بين الدول ال27 ودول أمريكا اللاتينية والكاريبي يومي 17 و18 من شهر يوليو في العاصمة البلجيكية بروكسل في حدث تمنحه إسبانيا أهمية كبيرة للدفع بالعلاقات واتخاذ خطوة نحو التقارب لاسيما ان الاجتماع الأخير من نوعه جاء في عام 2015.

وبالنسبة لتسريع التحول البيئي قال سانشيز في إطار عرضه الرسمي لأولويات الرئاسة الإسبانية ان الهدف هو التكيف مع حالة الطوارئ المناخية وجعل أوروبا قادرة على مواجهة الأزمات العالمية المقبلة والمساهمة بشكل فاعل في مكافحة تغير المناخ.

وتتطلع إسبانيا لمنح دفع للاستثمارات الخضراء ومبادرات صافي الانبعاثات الصفرية وتسريع نشر الطاقات المتجددة لتحقيق الحياد المناخي إلى جانب تعزيز الترابط بين دول الاتحاد والتوصل إلى اتفاق حول إصلاح سوق الكهرباء لخفض الأسعار للمستهلكين.

وفي إطار تعزيز العدالة الاجتماعية والاقتصادية تقترح مدريد وضع حد أدنى للضريبة بنسبة 15 في المئة على الشركات المتعددة الجنسيات الكبيرة في الاتحاد الأوروبي وذلك في ضوء ارتفاع التضخم في جميع أنحاء القارة وارتفاع عدم المساواة فيما سلطت الضوء على ضرورة التصدي لقضية التهرب الضريبي الذي يكلف أوروبا أكثر من واحد في المئة من ناتجها المحلي سنويا.

وفي هذا السياق أكد وزير الخارجية الإسباني الحاجة إلى اقتصاد أكثر تنافسية وعدلا لافتا إلى ان “أوروبا متماسكة تعني أوروبا شاملة” فيما أكد ضرورة ضمان العدالة الضريبية ووضع معايير للضرائب على الشركات في جميع الدول الأعضاء.

وللمضي قدما في تحقيق تلك الأهداف ستستضيف إسبانيا خلال الأشهر الستة المقبلة سلسلة من الاجتماعات في 25 مدينة إسبانية يأتي أهمها في أكتوبر المقبل في (قصر الحمراء) بمدينة (غرناطة) الأندلسية التي ستستضيف رؤساء دول وحكومات 44 دولة بينهم رؤساء دول الاتحاد الأوروبي ال 27 والدول المجاورة والقريبة ومنها تركيا وبلدان رابطة التجارة الحرة الأوروبية والشركاء غرب البلقان.

وستسعى إسبانيا خلال الأشهر المقبلة إلى محاولة إغلاق عدد كبير من الملفات المفتوحة قبل انتخابات البرلمان الأوروبي في يونيو من العام المقبل والتعيين اللاحق لمفوضية جديدة في نهاية العام نفسه.

وتتسلم مدريد الرئاسة الأوروبية قبل ثلاثة أسابيع فقط من الانتخابات العامة في إسبانيا في سيناريو مفتوح قد يسفر عن تغيير لون الحكومة الإسبانية غير ان الحكومة الراهنة تؤكد ان ذلك لن يكون له تأثير على دور إسبانيا وأولوياتها لاسيما انها تعمل على أجندة الرئاسة الأوروبية منذ أكثر من عام.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى