المتقاعدين خبرات استشارية وطنية مطلوب استثمارها

وجهة نظر يكتبها صالح ناصر الصالح
تحدثت مراراص وتكراراً عن استثمار خبرة ابناء الكويت ذوي الخبرة ممن تقاعدو عن العمل لأي سبب وقلت أن المتقاعدين “ثروة وطنية” يجب عدم إغفالها أو الاستهانة بها حيث تتمتع هذه الشريحة بخبرات ضخمة يجب استثمارها عبر برنامج اجتماعي واقتصادي يعتمد على إضافتهم إلى المعادلة التنموية الشاملة في مواقع متنوعة، ويمكن أن تكون ذات صلة بتلك التي قضوا فيها فترة عملهم أو نشاطهم السابق أوغيرها، وذلك بإعادة تعيينهم كمستشارين في مؤسسات الحكومة والمجتمع المدني والجمعيات الأهلية، والشركات وخاصة بعد أن تمكنوا من تنمية المؤسسات الاقتصادية والصناعية والخدمية ،
وبالنظر للدول المتقدمة نجد اليابان أعدت برامج للاستفادة من المتقاعدين واستثمار خبراتهم في مؤسسات كبري ومن ثمّ، ارتفع طلب التوظيف على من تجاوز سن التقاعد، علما بأن الحد الأدنى للتقاعد هناك هو 65 عاما. وفي أمريكا (67)، وقد ابتكرت شركات التكنولوجيا العملاقة مثل (مايكروسوفت) للمتقاعدين، عدة برامج؛ لمساعدتهم على الاستمرارية في العطاء.
وكانت صحيفة “الجارديان” البريطانية قد ذكرت أن الحكومة البريطانية تشجع استخدام المتقاعدين كمستشارين نظرًا إلى المهارات والخبرات التي يستطيعون تقديمها، وخاصة في عهد حكومة «مارجريت تاتشر» طوال ثمانينيات القرن الماضي، وطول عهد حكومة “توني بلير” من عام 1997، وخلال العقد الأول من الألفية الجديدة، باعتبار أن هذه الفئة تختزن الكثير من الخبرات والطاقات والنضج النفسي والعملي، ولا شك أن مجلس اللوردات في بريطانيا يلعب هذا الدور للحكومة، فمعظم أعضائه من المتقاعدين المعينين على أساس التفوق والجدارة المهنية، في مجالات كالقانون والسياسة والاقتصاد وقضايا التنمية وممن أدوا لبلدهم خدمة جليلة.
ولعل من أبرز برامج استثمار قدرات المتقاعدين عالميًا “هيئة الخبراء” الألمانية، و”جامعة المتقاعدين” اليابانية، والتي أُنشئت عام 1969، و”جمعية المتقاعدين الأمريكية” التي أُنشئت أيضًا عام 1969. وهنا في الكويت تم اشهار جمعية نفع عام للمتقاعدين لكنها لا تحرك ساكناً سوي المطالبات بضرورة الاستفادة من المتقاعدين ولم تأل جهدا في هذا الجانب لكن الأمر يتطلب نظرة من الحكومة جادة لاستثمار هذا الجيل ولاشك أن الأجيال تتعاقب وسيأتي يوم علي العاملين الحاليين ويصبحون في صفوف المتقاعدين وعندها سيبحثون عن موقع يستوعب خبراتهم الطويلة
والملاحظ أن العالم اليوم قد تجاوز مقولات قديمة اعتبرت التقدم بالعمر عائقا أمام تحقيق الأهداف، فالقيمة الحقيقية لعمر الإنسان هي معرفة كيفية استثماره والاستفادة منه، حيث أصبح التقاعد أداة استثمارية؛ ولدى بعض الدول العربية العديد من التجارب الناجحة .
وتنص المادة الحادية عشرة من المبادئ العامة للسياسة الخليجية المشتركة لرعاية ومشاركة كبار السن التي اعتمدها مجلس وزراء العمل والشؤون الاجتماعية لدول الخليج بدورته السادسة عشرة المنعقدة في أكتوبر عام 1999، على: “تصميم برنامج وطني لتشجيع الشيخوخة المنتجة، يعمل على توفير الفرص والمشروعات الفردية التي تدعمها المؤسسات لمصلحة المتقاعدين، كما تشمل تلك الأنشطة تطوير حياة وظيفية ثانية لهم وإيجاد الوظائف على أساس عدم التفرغ؛ لأن الاهتمام بهم له عوائد اقتصادية وأمنية تعود بالنفع على المجتمع، وتعزز الولاء للوطن، حتى لا يشعر الإنسان بأنه مجرد آلة تنتهي مدتها بانتهاء عملها”.
ويؤكد ملف المؤشرات الإحصائية أن أعداد المتقاعدين في دول مجلس التعاون في عام 2025 تبلغ نحو 25% من السكان. ومع تلك النسبة العالية تبدو مجتمعاتنا في حاجة إلى استثمار خبرة هؤلاء، الذين أعطوا الكثير للمجتمع، وعلى استعداد لتقديم المزيد من واقع خبراتهم المتراكمة وتجاربهم الحياتية.
ولاشك أن المجتمع الكويتي في أمس الحاجة لكل خبرة لمن تقاعدوا نساء ورجال ، ولا زالت قدرتهم على العطاء مستمرة كون خبرتهم الحياتية والمهنية لا تقدر بثمن ووجودهم في أي ميدان يثريه ثقافيا وأخلاقيا وعلميا، وأنا شخصيا لا أتصور أن يهمش اياَ من المتقاعدين الكويتيين ، وأدعوهم إلي العطاء في أي مجال