الممارسات السياسية وصنع القرار والتعاون والحوار

اضاءات
بقلم د. علي درويش الشمالي
في البداية نهنأ سمو أمير البلاد الشيخ نواف الأحمد الجابر الصباح علي ذكري مرور عام لتقلد سموه مسند الإمارة وحكم البلاد سائلين المولي عز وجل أن يمده بمزيد من العافية وأن يتوجه بالصحة والعمر المديد ويطيب لنا في هذه المناسبة الغالية على قلوبنا وأبناء الكويت الأوفياء ونحن نستقبل عاما جديدا في مسيرة الخير والعطاء وندعو المولي سبحانه وتعالى أن يكون النجاح حليف والتوفيق حليف سموكم حفظكم الله ورعاكم وأن يمدكم بمزيد من العمر المديد لاستكمال مسيرة النهضة والبناء لكل ما يطمح إليه الوطن ويحقق تطلعات أبنائه الأبرار من رقي ورخاء ،سائلين الله تعالى أن يحيطكم بحفظه ورعايته وأن يبارك في مسيرتكم الحافلة بالإنجازات ، وأن يديم على بلادنا الحبيبة نعمة الأمن والطمأنينة والسلام والازدهار في ظل قيادة سموكم الحكيمة راعي مسيرتنا للكويت الحديثة صاحب السمو الشيخ نواف الأحمد وولي عهده سمو الشيخ مشعل الأحمد، ورئيس مجلس الوزراء سمو الشيخ صباح الخالد حفظهم الله ورعاهم ذخراً للبلاد .
ونشيد بدعوة سموه ،لإقامة حوار وطني يجمع السلطتين التشريعية والتنفيذية في البلاد وهذه الخطوة تهدف إلى “تهيئة الأجواء من أجل توحيد الجهود وتعزيز التعاون وتوجيه كافة الطاقات والإمكانيات لخدمة الوطن العزيز ونبذ الخلافات” وبالفعل أنها الخطوة التي يراد بها “حل كافة المشاكل وتجاوز العقبات التي تحول دون ذلك خدمة للمواطنين الكرام ورفعة راية الوطن العزيز ومكانته السامية”.
ولاشك حقاً أن أمير البلاد يتطلع إلى أن “يحقق هذا الحوار أهدافه المنشودة لتعزيز مسيرة العمل الديمقراطي الذي هو محل الفخر والاعتزاز لدى الجميع وذلك في إطار التمسك بالدستور والثوابت الوطن”.
ومن جانب مقالنا هذا الأسبوع تناولت تحليل لمفكر عربي ونائب برلماني واندهشت للعرض المكتوب حول الوضع السياسي للبلاد وسوف أقوم بعرض مختصر عنه لنعرف الممارسات السياسية كيف تدور وعلاقتها بالتجار والنخب وهذا جزء مما طرح من تحليل
أولا إذا كانت عملية صنع القرار السياسي هي الآلية التي يتم من خلالها تحويل الأهداف العامة أو الخاصة للدولة إلى مواقف معلنة وقرارات محددة، تنعكس على شكل سلوكيات واقعية أو برامج تطبيقية تمارسها الأجهزة التنفيذية للدولة، فإن مراحل صناعة القرار ودورتها الطبيعية تمثل عصب المجتمع وتفاعله مع الأحداث المحيطة به على ضوء مستويات النضج ودرجات التطور والتعقيد التي تشهدها مؤسسات المجتمع المدني من جهة، وطبيعة الأفكار والمعتقدات السياسية التي تسود تلك المؤسسات خلال المرحلة المعنية بالدراسة والتحليل، من جهة أخرى.
ولا شك أن عملية صناعة القرار في أية دولة تخضع لعوامل ومؤثرات ومراحل لا تخلو من تداخلات معقدة ومتواصلة تحيط بها، بدءً بالمراحل الأولية لتحديد أطر القرار وأهدافه، وتستمر طوال فترة الإعداد والتحضير له، بل وتتابع طريقة ترجمته على أرض الواقع، وتسعى إلى المشاركة في آلية تنفيذه والاستفادة من نتائجه بشكل مباشر أو غير مباشر.
ولا تتوقف عملية صناعة القرار عند حد المساهمة الإيجابية في بلورة نوع القرار وتحديده، إذ في كثير من الأحيان، تسعى المؤسسات المدنية والقوى السياسية، وحتى الأفراد، إلى إجهاض عملية صناعة القرار – داخلياً كان أم خارجياً – إما لعدم اقتناعها بمثل هذا القرار، وإما لكونه يتناقض مع مصلحتها السياسية أو رصيدها الشعبي أو يصطدم مع أفكارها وشعاراتها السياسية.
ثانيا من هنا يمكن القول بأن صناعة القرارعمليه في غاية التعقيد، كونها تختلف في إجراءاتها ومراحل تكوينها من دولة إلى أخرى أو من كيان سياسي إلى كيان سياسي آخر، وذلك بحسب تركيبة النظام السياسي والمؤسسات الدستورية المخولة صنع القرار لكل دولة على حدة، وقد تتفاوت داخل الدولة الواحدة إجراءات عملية صناعة القرار تبعاً للقنوات التي تمر من خلالها آلية تحديد أهداف القرار وصياغة دوافعه وإخراجه النهائي، وتسلسل مراحل سير العملية وسط مشاركة قوى الضغط المختلفة في عملية التأثير على شكل القرار وماهيته.
كما قد تختلف الظروف المحيطة باتخاذ القرار من حقبة زمنية لأخرى نتيجة جملة من المعطيات، التي تفرض نفسها على مؤسسات صناعة القرار أو القيادات المعنية بصنع القرار، إضافة إلى الثقافة السياسية المهيمنة على الدولة في فترة زمنية محددة، ودرجة التفويض التي تمنح لصناع القرار في حالة الدول أو الأنظمة الدستورية من خلال الانتخابات العامة والانتقال السلمي للسلطة، أو على العكس في حالة هيمنة الأنظمة القمعية، وتسيّد الرأي الواحد، بل قد تكتسب آلية صناعة القرار لوناً خاصاً في حالات الفوضى السياسية وعدم الاستقرار في بعض الدول أو المجتمعات أثناء انعدام السلطة المركزية، أو اندلاع الحروب الأهلية، أو الفترات الانتقالية التي تشهدها الدول في حالة الانقلابات العسكرية أو الثورات الشعبية.
وإذا كانت عملية صنع القرار بهذا القدر من التعقيد والتداخل والتفاوت في إطار الدولة الواحدة الذي يضم مجتمعاً صغيراً يفترض فيه التجانس والإرث التاريخي ووحدة المصير، فلنا أن نتصور الوضع المحيط بصناعة القرار، من دخول البشرية حقبة الألفية الثالثة، وتحول العالم إلى قرية صغيرة تتقاذفها السيول، ومن تدفق المعلومات والأفكار والثقافات والتواصل الفردي مع الأحداث العالمية بشكل مستمر، ولحظة بلحظة، من خلال أجهزة الربط الإلكتروني والقنوات الفضائية، وتوفر المعلومات بشفافية حول شؤون الحياة كافة.
بل لنا أن نتصور المؤثرات التي تفرض خصوصيتها على عملية اتخاذ القرار، في ظل تنامي المنظمات “فوق القومية” العابرة للقارات، الحكومية منها وغير الحكومية، والتي تجاوز عددها مئات الآلاف من المؤسسات التي تسعى جاهدة إلى التأثير في ثقافة صناعة القرار، ناهيك عن التدخل المباشر وغير المباشر للحكومات والدول، وخاصة الكبرى منها، في التأثير على صناعة القرار في مختلف أنحاء العالم، نتيجة استحواذ تلك الدول على شبكة المصالح العالمية وتمكنها من تجاوز الحدود القومية.
ولنا أن نتصور أيضاً الدور الذي تلعبه بعض الحركات، أو حتى الأفراد، في اختطاف عملية صنع القرار في الدول الأخرى، بل حتى على المستويات الإقليمية والعالمية، كما هو الحال بالنسبة للمنظمات الدولية الحكومية، وتجعلها رهنية لفكرها وأنشطتها الخاصة، وتفرض بالتالي نفسها على مؤسسات صنع القرار في العديد من الدول منفردة، وفي أحيان أخرى مجتمعة، كما هو الحال اليوم بالنسبة لجماعات العنف المسلح والمنظمات الإرهابية، وخاصة ذات الصبغة الدينية الإسلامية.
ثالثا وأخيراً، لنا أن نتخيل عملية صناعة القرار السياسي في دولة الكويت التي تعيش أتون هذه الإرهاصات من أمواج التغيرات الدولية، بل وتقبع في مركز دائرة الحدث، وتعاني في الوقت نفسه معادلة صعبة، تتمثل في امتلاكها ثروات طبيعية هائلة من جهة، وضآلة مساحتها الجغرافية والكثافة السكانية وقوتها العسكرية الرادعة، من جهة أخرى.
وبالتالي، فإن ما يزيد من صعوبة دراسة وتحليل صناعة القرار السياسي في الكويت هو حجم التغيرات الكبيرة التي عصفت بمنطقة الخليج خلال العقود الثلاثة الماضية، وأنتجت على أساسها دوائر الأحداث الإقليمية والدولية بصورة معقدة ودراماتيكية وحادة في كثير من الأحيان، الأمر الذي دفع صناع القرار السياسي في الكويت إلى التفاعل الدوري والتعاطي اليومي مع التقلبات السياسية والأمنية مقارنة مع التوازن النسبي الذي شهدتها السياسة الخارجية الكويتية منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية وحتى بداية السبعينات من القرن الماضي.
كما أن التطورات الداخلية، المتمثلة في تنامي التيارات السياسة وقوى المجتمع المدني والمشاركة الشعبية المباشرة في الحياة السياسية، وأخيراً ولادة بعض الجماعات المتطرفة، ساهمت بدور مهم في التأثير على عملية صنع القرار السياسي على المستويين المحلي والخارجي، لكن على الرغم من هذه الصورة المعقدة والمحيطة بصناعة القرار، تبقى الخطوط العامة للقرار السياسي خاضعة للتحكم من جانب المؤسسات المحيطة والمقربة من أصحاب القرار، سواءً بصورة مباشرة أو غير مباشرة، وخصوصاً فيما يتعلق بالسياسة الخارجية.
أما فيما يخص السياسة الداخلية، فإن القرار السياسي تتجاذبه عادة عملية الشد والجذب بين اتجاهات شتى وقوى مؤثرة مختلفة، بل ومتباينة، الأمر الذي يضفي على الكثير من القرارات ذات الشأن الداخلي صفة الغموض وعنصر المفاجأة، وعقب هذا التحليل أري ضرورة تدخل السلطة العليا لوضع منظومة سياسية جديدة في البلاد تقوم علي المشاركة المجتمعية بما يتلاءم ومتطلبات سيادة الكويت ، وأري أن سمو رئيس مجلس الوزراء الشيخ صباح الخالد قادر في هذه الأونة على هندسة الوضع السياسي والاقتصادي ولكن بتعاون من الجميع