مقالات

أحمد الجارالله: من غير الوافدين … مَن يربي أولادنا وينشّي غترنا ويطبخ أكلنا؟

صمتوا، وفكروا جيداً: من سيربي أولادنا، ويطبخ أكلنا، وينشي غترنا إذا رحل الوافدون؟

للأسف حجة رمي المسؤولية على الآخر جاهزة دائماً، لذا عند كل أزمة نجعل من الوافدين شماعة نعلق عليها مشكلاتنا، وتصدر القرارات والقوانين الارتجالية على هذا الأساس، من دون أن نفكر في السلبيات، ومخاطر ذلك على الوضعين الاقتصادي والاجتماعي للبلاد.

الفشل في وضع ستراتيجية واضحة للمرور تخدم البلاد لنصف قرن مستقبلًا، حلها أصحاب الرؤى العقيمة بمنع إجازات السوق عن الوافدين، وأزمة العلاج والهدر فجأة أصبح الوافدون مسؤولين عنها، فيما شح الدواء ليس من مسؤولية الوافد، بل الخطأ من الكويتي الذي يعطيه بطاقته المدنية كي يحصل على الأدوية، ولأننا نعاني من عقم التخطيط، نرمي المسؤولية على الوافدين.

لهذا سنتحدث بوضوح، من دون أي مجاملات: هل نستطيع نحن العمل في النجارة والحديد والكهرباء، والمخابز، وحتى في المصابغ، وهل نحن الذين نستهلك أكثر من نصف ساعة في هندامنا وسكب العطور والبخور، ونحرص على تسوية غتراتنا بدقة سنعمل في شق الطرق وبناء العمارات؟

نعم، الكويتيون الأوائل عملوا قبل النفط، وكذلك عملنا خلال الغزو العراقي، لكن كم عدد الذين صمدوا في الداخل، وهل استمررنا بالعمل في المهن التي فرضت علينا بعد التحرير؟

يا سادة، لماذا هذا التكاذب، وعدم تحمّل مسؤولية الذنب الذي ارتكبته مجموعة من الكويتيين، سواء أكان تجار البشر الذين جلبوا عشرات آلاف العمال ورموهم في الشوارع، أو أولئك الذين لا يرحمون ولا يتركون رحمة الله تنزل على البشر؟

صحيح أن الكويتيين نحو المليون وأربعمئة ألف نسمة، يخدمهم ثلاثة ملايين وافد، وهؤلاء إذا أدركنا أنهم قيمة مضافة للاقتصاد الوطني على غرار ما هو موجود في دول الخليج والعالم، لعرفنا أن المشكلة ليست بهم، بل بنا نحن، لأننا نريد من يخدمنا، وفي الوقت نفسه الإساءة إليه، فإذا كان الكويتيون لا يريدون هذا الغزو الناعم، كما يقول البعض، فليتفضل الجميع ويتخلوا عن العمالة المنزلية، وننظف بيوتنا بأنفسنا.

أيضا نسأل: أليس ارتفاع أجور العمالة الإنشائية وتضخم الأسعار وزيادة تكلفة البناء، بسبب طردنا العمالة الماهرة التي استفادت منها دول الخليج الأخرى، لننظر إلى من يبني منازلنا، وينظف شوارعنا، وبعدها نهذر بما نريد؟

عيبنا أننا نهذر بكلام غير عقلاني، ونرمي اللوم على غيرنا، لذا لنسأل جميعاً أنفسنا: تبلغ نسبة القطريين من مجمل سكان قطر 12 في المئة، أي نحو 300 ألف، فهل كان يمكن تنفيذ البنية التحتية الحديثة وإقامة المونديال فيها من دون الوافدين؟

من أنشأ البنية التحتية في دولة الإمارات، التي تبلغ نسبة المواطنين فيها نحو تسعة في المئة، وهل كانت ستتمتع بهذا الاقتصاد المزدهر من دون الوافدين، وكذلك الأمر بالنسبة إلى أكبر دولة خليجية المملكة العربية السعودية، من الذي ساعد على نهضتها؟

فيما الإمارات تمنح كل الداخلين إليها أسباب الراحة، وتستقطبهم بمشاريع هائلة، وتؤمّن لهم كل ما يجعلهم ينفقون أموالهم فيها، ويحركون اقتصادها، نرى أننا في الكويت نعيش في قمقم العنصرية التي ما دخلت مجتمعاً إلا مزقته.

لننظر إلى بقية دول العالم، حيث العمالة المهاجرة محرك أساسي للاقتصاد، في ألمانيا وفرنسا وبريطانيا وسويسرا والولايات المتحدة، وأيضا الدول القريبة منا، التي تشبهنا في كل شيء، ولنفكر بما أصبحنا عليه جراء أفكارنا المختلفة التي نبني على أساسها قراراتنا.

للأسف نتصور أنفسنا أننا إمبراطورية لا تغيب عنها الشمس، كما كانت حال الشعب الإنكليزي قبل نحو مئة عام، وعلى سكان مقاطعاتنا خدمتنا، فيما البريطاني اليوم يعمل جنباً إلى جنب مع الوافدين الذين غيّروا طبيعة المجتمع وطوروه، لهذا علينا أن نفكر بواقعية، ونتقي الله بأنفسنا وببلدنا

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى