الشلل الاقتصادي الطويل يهدد الشركات بالإفلاس وتسريح العمالة
القطاع الخاص لن يستطيع الصمود امام قرارات التصحيح
وجهة نظر يكتبها صالح ناصر الصالح
تواجه الشركات بمختلف قطاعاتها وكذا رؤوس الأموال تحدياً تاريخياً في الوقت الحالي، مع إدراك أن كثيراً منها لن يستطيع الصمود أمام حالة الشلل الراهنة في السوق الكويتي فغالبية الحركة التجارية تعتمد على السلوك الاستهلاكي، وبقاء الأسواق دون نشاط جيد قد يؤدي إلى إفلاس كثير من الشركات ممن لن يستطيعوا دفع التزاماتهم دون القيام بنشاطاتهم التجارية المعتادة. وهذا الإفلاس ليس من الإفلاس الصحي الذي يجدد الاقتصاد كما يحاول البعض تفسيره، بل هو إفلاس ناتج عن صدور قرارات عقب ” كورونا” تسبب بها عامل خارجي لا علاقة له بالنشاط التجاري. وقد شُبّهت هذه الحالة بما حدث في الأزمة المالية عام 2008 من ناحية تأثر التجارة العالمية. لكن الفارق هائل جداً بين الحالتين، فما حدث في الأزمة المالية كان أشبه ما يكون بتأثير «حجر الدومينو»؛ حيث تأثر القطاع المالي تسبب في انهيار قطاعات متعددة وإفلاس كثير من الشركات. كما أن زيادة حالة عدم الاستقرار المالي سبّبت إحجام رؤوس الأموال عن الاستثمار، وهو ما زاد الطين بلة، فزاد الكساد على إثره، واستمر لسنوات حتى عادت الثقة بعدها.
أما ما يحدث هذه الأيام فلا علاقة له بزيادة معدل الخطر الاستثماري في أي من القطاعات، بل سببه هو توقف الحركة التجارية بسبب المحاولات الحكومية لتصحيح المسار وتعديل التركيبة السكانية وهي قرارات تهدف في مضمونها للحفاظ على الهوية المجتمعية وعدم تحمل الدولة ضغوط في الإنفاق ولكن في الظاهر نتج عنه شلل اقتصادي ولا ذنب للقطاع التجاري فيه كما أن اسواق التجزئة والشركات الصغيرة والمتوسطة لا ذنب لها في هذه القرارات الغير المدروسة والتي نتج عنها خلل كبير
وما يتداول هذه الأيام من وجوب تحمل القطاع التجاري الأضرار وحده يعد ضرباً من الجنون، فالقطاع الخاص والحكومات يعملان في منظومة اقتصادية واحدة، وعدم فعالية أحدهما ينتج عنه تضرر الآخر، ولو تخلت الحكومات اليوم عن القطاع الخاص، فعليها تحمل مستويات البطالة الضخمة التي بدأت تطفو للسطح وهو أثر واحد من آثار سلبية كثيرة حيث أن البطالة في العمالة المحلية سيؤثرعلى طبيعة السوق بمختلف مجالاته ولذلك نجد أن كثيراً من الحكومات هبّت لنجدة القطاع الخاص، فالرئيس الفرنسي وعد ألا تواجه شركة خطر الإفلاس بسبب الفيروس، “وهو وعد قد يكون من الصعب المحافظة عليها”،
وهنا لابد من ضخ هيئة الاستثمار سيولة في السوق الداخلي ودعم السوق بالاستثمارات ومنح البنوك فرصة للتمويل للقطاع الخاص بحيث يمكن تنمية السوق بالسيولة واذا نظرنا إلي الدول كيف ساهمت بدعم الشركات عقب ” كورونا” منها ألمانيا التي دعمت بالدعم المالي الغير محدود لشركاتها، بما قد يزيد على 350 مليار يورو. وبريطانيا أعلنت عن قروض للشركات، تزيد قيمتها على 300 مليار باوند، وهو ما يعادل 15 في المائة من الناتج القومي البريطاني، والولايات المتحدة خصصت تريليون دولار لذات الغرض، «5 في المائة من الناتج القومي»، والسعودية أعلنت عن برامج لدعم القطاع الخاص، تفوق قيمتها 120 مليار ريال. والواقع أن الإعلان في حد ذاته ضروري لبعث الطمأنينة في القطاع الخاص عن المستقبل الاقتصادي.
ولذا نطالب ونأمل من الحكومة أن تصدرقرارات سريعة لفتح الأسواق والاستثمار وعدم التضييق على المشاريع القائمة تحت ذريعة التنظيم والتصحيح لأان التطبيق للقرارات يتم عبر أفراد وموظفين لا يعرفون الهدف السامي من أجل تصحيح الأوضاع كونهم مسخرين لأداء وتنفيذ القرارات ومن جانب أخر وجب علي مصدري القرارات في الوزارات والهيئات ومؤسسات الدولة وعلي رأسها القوي العاملة والبلدية والتجارة أن تعلم جيداً أن تلك القرارات ليست لمحاربة القطاع الخاص بقدر ما صادرة للتنظيم
ومن وجهة نظري أن الانفتاح الاقتصادي على الأسواق المجاورة وعلى البلدان في الشرق الأوسط لتنمية التجارة والعمل سيكون له الأثر الإيجابي حيث أن القطاع الخاص هو الانعكاس الحقيقي لنشاط الدولة الاقتصادي وليس لما تصدره الحكومة من النفط لتنفق منه على الوزارات ومؤسسات الدولة واقولها القطاع الخاص هو المحرك للاقتصاد ويجب أن يكون شريكا حقيقياً للحكومة وكفانا شعارات وتصاريح رنانة لنبدأ بتصحيح المسار فعلياً وجعل القطاع الخاص شريك للتنمية ومؤثر في النمو الاقتصادي