من إعجاز القران الكريم
من إعجاز القران الكريم
بقلم/ يوسف سعد حجاج
إن القران الكريم المعجزة التي لاتنتهي ونهر العطاء الذي لاينضب لك أن تتخيل عزيزي القاريء كيف وقف العرب مع فصاحتهم عاجزين عن التحدي مظهرين فقرهم وعجزهم أمام جزيل العطاء القراني وقوة الحجة والفصاحة الإلهية وأحد هذه الأنواع الكثيرة من الإعجاز الحذف والإثبات في حرف من حروف القران الكريم قد تجد كلمة واحدة ذكرت في أكثر من موضع مرة بزيادة حرف أو حذفه وقد تجد ذلك بلا سبب نحوي وإذا تتبعت المعنى تجد نفسك أمام بحر من العطاء الرباني في بلاغة الألفاظ ومن ذلك كلمة يمحو تجدها في سورة الشورى ( أَمۡ يَقُولُونَ ٱفۡتَرَىٰ عَلَى ٱللَّهِ كَذِبٗاۖ فَإِن يَشَإِ ٱللَّهُ يَخۡتِمۡ عَلَىٰ قَلۡبِكَۗ وَيَمۡحُ ٱللَّهُ ٱلۡبَٰطِلَ وَيُحِقُّ ٱلۡحَقَّ بِكَلِمَٰتِهِۦٓۚ إِنَّهُۥ عَلِيمُۢ بِذَاتِ ٱلصُّدُورِ) ( 24 ).
قد حذف منها الواو بدون سبب نحوي فليس أمامها أداة جزم مثلا، بخلاف ماذكر في سورة الرعد من وجود الواو في قوله تعالى ( يَمْحُو اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِ) اية 39 يقول الزركشي في البرهان في علوم القران أن سر الحذف في الشورى سرعة سياق الكلام أي أن الله يمح الباطل عن قلب النبي في الدنيا قبل الأخرة بخلاف يمحو في الرعد التي تتكلم الشرائع ونسخها فالأمر ليس فيه سرعة.
وإذا تدبرنا في سورة الكهف في قوله تعالى في قصة موسى والخضر (سَأُنَبِّئُكَ بِتَأۡوِيلِ مَا لَمۡ تَسۡتَطِع عَّلَيۡهِ صَبۡرًا)اية 78 وفي اية 82 حذفت التاء من تستطع وقال تعالى:
( ذَٰلِكَ تَأۡوِيلُ مَا لَمۡ تَسۡطِع عَّلَيۡهِ صَبۡرا)
لأن الأمر في الأولى كان فيه شدة ولما زالت الشدة زالت التاء.
وإذا نظرنا في نفس السورة اية 97 في قصة ذي القرنين ( فَمَا ٱسۡطَٰاعُوٓاْ أَن يَظۡهَرُوهُ وَمَا ٱسۡتَطَٰاعُواْ لَهُۥ نَقۡبا ) فبعض العلماء ذكر أن ذلك لفائدة لفظية حتي لاتتكرر الكلمة وبعضهم عزا ذلك لفائدة بلاغية فكلمة اسطاعوا أن يظهروه هو الصعود لأعلاه
أما استطاعوا له نقبا أشد وأقوى لأن نقب السد أقوى من تسلقه.
قال ابن كثير في تفسيره عن ذلك ( فقابل كل بما يناسبه لفظا ومعنى )
ومن صور هذا النوع من الإعجاز كلمة ( بسم )قد تأتي بدون الألف كما في سورة الفاتحة وهود والنمل وقد تأتي ( باسم ) بالألف كما في سورة العلق ( اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ ).
إذا جاة لفظ الجلالة الله ذكرت بسم بدون الألف بسم الله لكثرة الاستعمال كما قال القرطبي وقد يكون يوحي بأنه يجب علينا الوصول إلي الله سبحانه وتعالي وأداء الصلاة معه بأقصر الطرق وأسرع الوسائل وهو ما يدل عليه قوله تعالي “اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ” “الفاتحة: 6”.
وهو الذي يوصل بأسرع وأقصر الطرق.. والحرف الوحيد الذي يمكن حذفه من كلمة “باسم” دون تغيير نطق الكلمة هو حرف الألف.. لذا فقد تم حذفه للتوجه إلي الله وأخذ البركة منه في أي عمل نعمله بأسرع ما يمكن وبأقصر طريق ولأن لفظ الجلالة الله هو العلم على الذات الإلهية ولا يشاركه فيه احد بخلاف لفظ رب قد يطلق على غيره فلزم ذكرها كاملة
وردت كلمة كِذَّابا مرتين في سورة النبأ لكنك تجد شيئا عجيبا إذا تأملت هاتين الآيتين د:
تجد كلمة كذابا مكتوبة بالألف العادية { وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا كِذَّابًا }1-
{ لَّا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْوًا وَلَا كِذّ ٰ بًا }2-
تجد كلمة كذابا في المصحف مكتوبة بحذف الألف واستبدالها بالألف الخنجرية والإعجاز في ذلك سبحان الله أن الموضع الأول الكلام عن الطاغين و المشركين الذين يكذبون بآيات الله فلأن الكذب موجود فرسمت الألف ووجدت خطاً
أما الموضع الثاني الكلام عن المتقين في الجنة فلا وجود للكذب فحذفت الألف من الرسم ملاءمة للمعنى.
فسبحان من هذا كلامه
فالإعجاز ابواب لاتنتهي وإعجاز الرسم القراني بحر عظيم نسأل الله أن ينفع بهذا المقال ويجعله خالصا لوجهه العظيم.