تقسيم قطاع غزة ووقف اطلاق النار

وجهة نظر : يكتبها صالح ناصر الصالح
تبدو جهود وقف اطلاق النار وتسليم الرهائن لإسرائيل والضغط على حماس وكأنها خطة انهاء الحرب في غزة التي أصبحت مدمرة وهنا تاتي الخطط المستقبلية التي نتوقعها وهي إعادة تقسيم القطاع ونشر القوات عقب أن أنهكت الحرب اسرائيل وبدأت النزاعات تنشب بين القادة الإسرائليين في تذبذب حكومي وانشقاق أمني وسياسي
وقف إطلاق النار
ويسود الاعتقاد بأن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يبحث الاقتراحات الأخيرة للتوصل إلى هدنة مع حماس مع المجلس الوزاري للشؤون الأمنية.
لكن هل سيؤدي وقف إطلاق النار إلى إنهاء الصراع في غزة بشكل دائم أم لفترة من الزمن فقط؟
ما الذي يعنيه وقف إطلاق النار؟
وفقاً للأمم المتحدة، لا يوجد تعريف واحد مقبول عالمياً لمصطلح “وقف إطلاق النار”، على الرغم من أن المصطلح يأتي من الأمر العسكري بـ “وقف النار” وهو المعاكس للأمر بـ “فتح النار”.
ويمكنه أن يحمل المعنى الذي تريده الأطراف المتحاربة في مفاوضاتها وهو يستخدم أيضاً بالتبادل مع كلمة “هدنة”.
لكن الأمم المتحدة تقول إن هناك فرقاً في الغالب بين مصطلحي “وقف إطلاق النار” و “وقف الأعمال العدائية”.وتقول إن “وقف الأعمال العدائية” يميل إلى أن يكون اتفاقية غير رسمية لوقف القتال.
أما “وقف إطلاق النار” فيميل إلى أن يكون رسمياً أكثر ومميزاً باتفاقية تحدد تفاصيل كالتالي:
الهدف من وقف إطلاق النار – العملية السياسية التي ستتبعه – متى سيدخل حيز التنفيذ
– المنطقة الجغرافية التي سيغطيها
وقد يذكر أيضاً الأنشطة العسكرية المسموحة وغير المسموحة وكيف ستتم مراقبة وقف إطلاق النار.
فعلى سبيل المثال، انتهت الحرب الأهلية في ليبيريا عام 1993 عندما عقدت حكومة الوحدة الوطنية الانتقالية اتفاقاً مع الجبهة الوطنية القومية الليبيرية وحركة التحرير المتحدة من أجل الديمقراطية في ليبيريا.
واتفق الطرفان على وقف استيراد الأسلحة والذخائر، وعلى عدم تغيير أو مهاجمة المواقع العسكرية وعدم التحريض على المزيد من الأعمال العدائية وعدم استخدام الألغام والعبوات الحارقة.
واطلقت إسرائيل وحماس على وقف إطلاق النار المؤقت الذي وافقا عليه وصف “الوقف الإنساني لإطلاق النار”.
وتستخدم عمليات الوقف الإنساني لإطلاق النار أحياناً من أجل خفض عنف القتال أو لتخفيف أزمة إنسانية.
فعلى سبيل المثال، وافقت الحكومة السودانية على وقف إطلاق النار مع جماعتين مسلحتين هما حركة تحرير السودان وحركة العدل والمساواة، مما أوقف القتال في دارفور لمدة 45 يوماً للسماح لهيئات الإغاثة بإيصال المساعدات الإنسانية لأهالي المنطقة.
وفي 2004، وبعد أن ضربت موجات تسونامي أندونيسيا، أعلنت الحكومة الإندونيسية وحركة اتشيه الحرة وقفاً لإطلاق النار لكي يتم إيصال المساعدات إلى المناطق التي يجري فيها القتال بينهما.
ويمكن أن تكون هناك اتفاقات لوقف القتال في منطقة معينة، وهو ما يدعى بوقف إطلاق النار الجغرافي.
ففي 2018، توسطت الأمم المتحدة في اتفاق بين الحكومة في اليمن والحوثيين من أجل وقف القتال حول ميناء الحديدة على البحر الأحمر لحماية السكان المحليين.
وقد ذكرت القناة 13 الإسرائيلية قبل أيام أن التقديرات تشير إلى أن الإعلان عن نهاية الحرب بصورتها الحالية سيتم خلال أيام بعد ذلك سينتقل الجيش الإسرائيلي إلى المرحلة الثالثة من الحرب، وتبدأ المفاوضات من أجل التسوية على الحدود الشمالية مع لبنان.
ونقلت القناة الإسرائيلية عن مسؤول قوله إن “الحرب لن تنتهي.. وسنتحرك حيثما توجد معلومات استخباراتية عن نشاط حماس”. كما أضاف المسؤول الإسرائيلي أن النشاط في غزة سيستمر من خلال غارات وضربات جوية.
تقسيم القطاع 24 منطقة
في الأثناء، نقلت هيئة البث الإسرائيلية عن مسؤولين أمنيين إسرائيليين قولهم إن خطط “اليوم التالي” للحرب في غزة جاهزة وتنتظر الموافقة عليها.
وكانت صحيفة “واشنطن بوست”، كشفت في وقت سابق عن اقتراح وزير الدفاع الإسرائيلي يواف غالانت لخطة اليوم التالي في قطاع غزة تقضي بتقسيمها إلى 24 منطقة إدارية.
كما اقترح غالانت تشكيل قوة محلية في شمال غزة تتولى توزيع المساعدات في قطاع غزة.
وبحسب الصحيفة الأميركية فإن مسؤولي إدارة بايدن يدعمون الفكرة، لكنهم يشككون في إمكانية نجاحها بهذه بسرعة.
جزر منفصلة
بعد ذلك، نشر تقرير أميركي تصورات للقطاع الفلسطيني ما بعد الحرب تشير إلى إمكانية تقسيمه لمناطق أمنية تشبه الجزر المنفصلة أو الفقاعات، وفق صحيفة “وول ستريت جورنال”.
وتعتمد الخطة التي تلقى رواجا في أوساط الحكومة الإسرائيلية والجيش، على إنشاء ما يشبه “الجزر” أو “الفقاعات” داخل غزة، وهي عبارة عن مناطق محددة جغرافيا يمكن للفلسطينيين غير المرتبطين بحماس العيش فيها بشكل مؤقت، بينما يقوم الجيش الإسرائيلي بتطهير ما تبقى من المسلحين.
أفكار الخطط والمقترحات تأتي من مجموعات غير رسمية من ضباط متقاعدين، ومراكز أبحاث وأكاديميين وسياسيين، ومناقشات تجري داخل الجيش، إذ يعملون في مجموعات لتقديم “خطط تفصيلية” لما يسمى بـ”اليوم التالي” لانتهاء الحرب في غزة، بحسب “وول ستريت جورنال”.
في حين، أوضحت مصادر مطلعة للصحيفة الأميركية أن هذه الخطط تهدف إلى العمل مع الفلسطينيين الذين لا ينتمون لحماس، من أجل إقامة مناطق معزولة في شمال غزة، ويقوم هؤلاء في المناطق التي تعتقد إسرائيل أن حماس لا تسيطر عليها، بتوزيع المساعدات وتولي واجبات مدنية.
وكان العديد من السيناريوهات طرحت في الأروقة الدولية حول مرحلة ما بعد الحرب، من بينها عودة السلطة الفلسطينية إلى حكم القطاع، مع تعديلات عليها أو تسليم الحكم لحكومة تكنوقراط، أو حتى إشراف مصري مع قوة سلام دولية لحفظ الأمن على الأرض، إلا أن أياً منها لم ينل نصيبه من التوافق الدولي والإقليمي بعد.