أهم الاخبارمقالات

هل انتهى عصر الولاء الوظيفي؟

مقالات

 

بقلم د. محمد جميل الشبشيري

هل انتهى عصر الولاء الوظيفي؟

مع تطور الزمن، تغيّرت سلوكيات العاملين وسياسات الشركات تجاه الاحتفاظ بالموظفين. كان الاستقرار الوظيفي والاستمرار في العمل يعكس الوفاء والولاء والانتماء للشركات في ظل سياسات عادلة للأجور. كان السائد في الماضي يدعو الموظفين للاستمرار في وظائفهم، إذ كان يُقال: “أفضل الطير كثير الطيران قليل الصيد”، مما يشير إلى أن هناك فارقًا بين الحيوان الذي يسعى نحو رزقه بكثرة الطيران، وفي النهاية لا يحصل على شيء، بينما الحيوان قليل الطيران، الذي يركز على الحصول على فريسته، يحصل عليها. لكن الآن، أثبتت الإحصاءات عكس ذلك، خاصةً لجيل الألفية، حيث يمكن أن يساعد التنقل بين الوظائف في زيادة الراتب. تشير الدراسات إلى أن الأشخاص الذين يبقون في وظائفهم لفترة طويلة لا يحققون نفس المكاسب المالية التي يحققها أولئك الذين يغيرون وظائفهم. أظهرت الأبحاث أيضًا أن التنقل السريع يمكن أن يؤدي فعليًا إلى زيادة راتب الموظف.

وفقًا لمجلة فوربس، يُقال إن العمال الذين يبقون في شركة لأكثر من عامين يحصلون على أجور أقل بنسبة 50% من نظرائهم الذين يتنقلون بين الوظائف. يُشير مقال لكاميرون كينج صاحب كتاب (The Management Challenge) نُشر في مجلة فوربس إلى أن “البقاء في نفس الشركة لأكثر من عامين في المتوسط سيجعل الراتب أقل على مدار الحياة بحوالي 50% أو أكثر.”

في ظل ندرة الوظائف وزيادة معدلات البطالة، أصبحت الوظائف والمهارات عرضة للتقادم بسبب التطورات السريعة والمتلاحقة في المعارف والمهارات. والنصيحة هنا هي أن يكون الموظف مثل المهاجر إلى بلد آخر، الذي يواجه صعوبة في العثور على وظيفة أو قد يتعرض للاستغناء عنه في أي وقت. لذا، فإن توسيع المهارات والتعليم والحصول على شهادات مهنية معتمدة قد يوفر للموظف فرصًا أفضل ورواتب أعلى، كما يزيد من قدرته على إظهار مهاراته أمام الشركات الجديدة وكأنه ساحر يخطف أبصار مديري التوظيف. وعندما يقترب من فقدان تأثيره، يجب عليه أن يسعى لتغيير جمهوره – شركته – إلى جمهور جديد – شركة جديدة، ليقدم عرضًا ساحرًا جديدًا ويجدد حياته المهنية في مجال أفضل.

التنقل بين الوظائف يعزز الابتكار بفضل تنوع الخلفيات المهنية، مما يساعد على اكتشاف الذات ويؤدي إلى التفكير الإبداعي. التعرض لثقافات العمل المتعددة يفتح الأفق لرؤية الفرص التي قد لا يتمكن منها من لا يتعرض لتجارب متنوعة.

رغم أن المال ليس الدافع الوحيد أو الأكبر للكثيرين، فإن البشر يسعون للشعور بالشغف تجاه عملهم، والمساهمة في تحقيق هدف ما، والشعور بالتقدير من الإدارة والزملاء والعملاء. الشركات قد توفر أيضًا امتيازات إضافية لجذب الأفراد للبقاء، مثل المزايا، المكافآت، التوازن بين العمل والحياة، والفرص عن بُعد.

بينما قد يوفر البقاء مع صاحب عمل واحد الاستقرار والمواءمة الثقافية، فإن التنقل الاستراتيجي بين الوظائف يمكن أن يزيد بشكل كبير من الإمكانية الكسب، والتسويق، والابتكار. تؤكد ظاهرة “علاوة التبديل” على المزايا المالية لتنوع الخبرة المهنية. في النهاية، يعتمد قرار تبني الولاء أو التنقل بين الوظائف على القيم الشخصية، الأهداف، والتغيرات المتواصلة لسوق العمل.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى