تشكيل فريق حكومي لمكافحة الفساد في دول منظمة التعاون الإسلامي
غلوبل – محمد المملوك :
انتهي الاجتماع الوزاري الثاني لأجهزة إنفاذ قوانين مكافحة الفساد في الدول الأعضاء بمنطقة التعاون الإسلامي الذي استضافته دولة قطر، إلي تشكيل فريق خبراء حكومي مفتوح العضوية للنظر في آليات وسبل تنفيذ اتفاقية مكة المكرمة لمكافحة الفساد
وناقش الاجتماع آلية الاستعراض الدوري لإنفاذ الاتفاقية، وتحديد آلية العمل ووضع دليل فني وتشريعي لتيسير تنفيذ الاتفاقية في الدول الأعضاء، كما ناقش إقامة الملتقى المشترك بين السعودية والمالديف، لتعزيز النزاهة في قطاع السياحة في المالديف.
شهد الاجتماع الوزاري توقيع 21 دولة من الدول الأعضاء في المنظمة على اتفاقية مكة المكرمة للتعاون بين الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي في مجال مكافحة الفساد.
وهذا العدد من التوقيعات من شأنه أن يسهم في الإسراع في خطوات المصادقة على الاتفاقية ودخولها حيز التنفيذ ليبدأ سريانها، كما يعكس هذا العدد من التوقيعات في الوقت نفسه استشعار الدول الأعضاء لخطر الفساد وما يرتبط به من جرائم، وحرصها على تعزيز التعاون في مجال مكافحته.
التحديات الحقيقية
وفي كلمته أمام الاجتماع، أكد رئيس هيئة الرقابة الإدارية والشفافية بقطر حمد بن ناصر المسند مواصلة العمل على تعزيز التعاون والتكامل بين دول منظمة التعاون الإسلامي في مجال مكافحة الفساد الذي يعتبر آفة كبيرة ويمثل تحديا حقيقيا للأمن والسلام العالميين، مما يحتاج إلى تكثيف الجهود لوضع إستراتيجيات فعالة وبرامج وخطط تنفيذية للقضاء على الفساد بكل أشكاله وتحقيق التنمية المستدامة.
ونبه إلى أهمية إدراك أن مكافحة الفساد ليست مجرد شعارات أو نصوص دينية، بل هي منظومة متكاملة تقوم على قيم العدالة، والأمانة، والنزاهة والشفافية، كما أنها ليست واجبا فقط، بل هي مسؤولية اجتماعية وجماعية تتطلب من الجميع، حكومات ومؤسسات وأفراد، التكاتف والعمل بجدية وإخلاص لتحقيق مجتمع يمتاز بالنزاهة والشفافية مما يبرز دور المجتمع المدني في هذا المجال ويفعّله ويمكّنه.
وقد أصدرت دولة قطر العديد من الأدوات التشريعية التي تستهدف إبراز وإشراك فئات المجتمع كافة في الجهود الوطنية للوقاية من الفساد ومكافحته، ومنها على سبيل المثال إجراء التعديلات على كل من قانون العقوبات وقانون الإجراءات الجنائية، وإصدار قانون حماية المجني عليهم والشهود ومن في حكمهم.
دعوة قطرية
ودعا رئيس هيئة الرقابة الإدارية والشفافية المشاركين في الاجتماع للمشاركة في الدورة الـ11 لمؤتمر الدول الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد الذي سيعقد في الدوحة من 15 إلى 19 ديسمبر/كانون الأول 2025، والذي سيجمع ممثلين من جميع أنحاء العالم، ويعد فرصة فريدة، للقيام بدور أكثر فاعلية في الحوار الدولي حول مكافحة الفساد.
وبدوره، أوضح الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي حسين إبراهيم طه أن اعتماد اتفاقية مكة المكرمة في هذا الاجتماع تم الاسترشاد فيه بالمبادئ والأهداف الواردة في ميثاق منظمة التعاون الإسلامي، لا سيما المادة التي تنص على التعاون في مكافحة الإرهاب بجميع أشكاله ومظاهره، والجريمة المنظمة، والاتجار غير المشروع بالمخدرات، والفساد، وغسل الأموال.
وشدد على الحاجة لإطار قانوني لتسهيل التعاون بين سلطات إنفاذ قانون مكافحة الفساد في الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي أكثر من أي وقت مضى، وقد صيغت هذه الاتفاقية لمعالجة هذه الضرورة الملحّة.
وبيّن أن اتفاقية مكة المكرمة ليست مجرد وثيقة قانونية، بل هي دليل على مدى الالتزام الجماعي بتعزيز التعاون، إذ تركز على دعم التعاون بين سلطات إنفاذ قانون مكافحة الفساد، مع التركيز بشكل خاص على تعزيز آليات الاتصال وتبادل المعلومات وتسريع التحقيقات وجمع الأدلة، إلى جانب ضمان المعالجة السريعة والفعالة لطلبات تبادل المعلومات.
فرصة حاسمة
ونبه طه إلى أن هذا الاجتماع الوزاري فرصة حاسمة لتعزيز الالتزام بمكافحة الفساد وذلك من خلال تعزيز التعاون بين سلطات إنفاذ القانون المعنية بمكافحة الفساد، والتأكيد أن مكافحة الفساد لا تزال تشكل أولوية قصوى على جدول أعمال المنظمة، مشيرا إلى أنه من خلال العمل الجماعي يمكننا كبح آفة الفساد التي تقوض الحكم الرشيد وتعوق جهود التنمية المستدامة وتهدد مستقبل المجتمعات.
وحث الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي جميع الدول الأعضاء على إظهار التزامها بمكافحة الفساد من خلال توقيع اتفاقية مكة المكرمة والتصديق عليها، مبينا أنها ليست فقط مجرد اتفاق رسمي، بل وسيلة لخلق التآزر وتعزيز الشراكات وتكثيف الجهود المتضافرة للحد من الفساد.
من جهته، أكد رئيس هيئة الرقابة ومكافحة الفساد في السعودية مازن بن إبراهيم الكهموس التزام بلاده بالعمل الإسلامي المشترك، فقد استضافت مبادرة التحالف الدولي لحل الدولتين، إلى جانب عدد من الاجتماعات الوزارية الأخرى ذات الصلة.
وأشار إلى إدراك السعودية تداعيات جريمة الفساد العابرة للحدود، وأثرها على المجتمعات الإسلامية ونهضتها، مبينا أنه لذلك يمثل تضافر الجهود على الصعيدين المحلي والدولي لمكافحة تلك الآفة ركيزة أساسية لتحقيق رؤيتها 2030 بما يجلب الرخاء والازدهار في دولنا الإسلامية ويدعم أهداف التنمية المستدامة فيها.
وشدد على أن اتفاقية مكة المكرمة للدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي تعدّ الإطار الأمثل لتعزيز جهود مكافحة الفساد وتعزيز التعاون الدولي في هذا المجال، مبينا أن المملكة العربية السعودية عملت بالشراكة مع المنظمات الدولية المختصة على وضع منهجيات ومؤشرات لقياس الفساد.