مقالات

التجارة الحرة والرسوم الجمركية: بين المفاهيم الخاطئة والمصالح الحقيقية

 

بقلم د محمد جميل الشبشيري

في خطاب وصفه بـ”يوم التحرير”، أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب فرض رسوم جمركية جديدة وشاملة على الواردات إلى الولايات المتحدة. غير أن هذه الخطوة لم تكن تحريرًا اقتصاديًا، بل على العكس، كانت خطوة تؤدي إلى زيادة تكلفة المعيشة للمستهلك الأمريكي.

وقعت إدارة ترامب في فخ الاعتقاد الخاطئ بأن الدولة لا تستفيد من التجارة إلا إذا كانت هي المصدّر، بينما الواقع الاقتصادي يؤكد أن الدولة المستوردة تجني مكاسب ضخمة من التجارة الحرة، حيث يحصل المستهلك على سلع أكثر تنوعًا وأقل تكلفة، مما يرفع من مستوى الرفاهية ويقلل من نسب الفقر.

الأساس الاقتصادي لهذا المفهوم يعود إلى مفكّري الاقتصاد الكلاسيكيين، مثل آدم سميث، الذي بيّن أهمية التخصص وتقسيم العمل، وديفيد ريكاردو الذي قدم نظرية “الميزة النسبية”، مؤكدًا أن حتى الدول التي لا تتمتع بميزة مطلقة يمكن أن تستفيد من التركيز على ما تجيده نسبيًا. كما رأى جون ستيوارت ميل أن التجارة ترفع الإنتاجية من خلال تبادل المعدات والأفكار وضغوط المنافسة.

الرسوم الجمركية، في المقابل، تُعد تكاليف مصطنعة تضر بالمستهلكين وتُضعف الاقتصاد. فقد أظهرت الدراسات أن الرسوم التي فرضها ترامب على الصين كلفت الأسرة الأمريكية الواحدة أكثر من 800 دولار، وأن رفع الرسوم الجمركية يؤدي إلى تباطؤ النمو الاقتصادي، كما حدث في أكثر من 150 دولة على مدى 50 عامًا.

وبدلًا من الرد بفرض رسوم انتقامية، يجب على الدول أن تتجنب هذه السياسات الحمائية التي تضر بمواطنيها، وتتبنّى سياسات تجارية منفتحة تتيح للمستهلك الوصول إلى سلع أرخص وأكثر جودة من الأسواق العالمية.

باختصار، التجارة الحرة ليست فقط وسيلة للنمو، بل هي ركيزة للرفاهية الاقتصادية، والرسوم الجمركية تهديد مباشر لها

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى